الصوامة القوامة
أم المؤمنين حفصة بنت عمر
رضــــي الله عـنـهـا
هي
حفصة بنت عمر بن الخطاب وأمها زينب بنت مظعون وقد ولدت بمكة سنة 18 قبل
هجرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وقبل زواجها من الرسول الكريم كانت متزوجة
من الصحابي الجليل خنيس بن حذافة السهمي وقد قام مع المسلمين بالهجرتين
الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة المنورة وشهد غزوة بدر وأحد ولكنه
أصيب في غزوة أحد فاستشهد في سبيل الله رضي الله عنه وترك السيدة حفصة في
ريعان شبابها ولم تكن أنجبت منه ؛ فترملت وعمرها عشرون سنة ، فعرضها عمر
على عثمان بن عفان وأمهله فلم يقبلها ، ثم عرضها على أبو بكر فصمت ولم يجبه
، ثم خطبها الرسول صلى الله عليه وسلم وقيل أن عمر شكا عثمان إلى الرسول
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " قد زوج الله عثمان خيراً من ابنتك ,
وزوج ابنتك خيراً من عثمان" ؛ ففرح عمر بن الخطاب بذلك وعلم أن الرسول
سيتزوجها، ثم بعد ذلك قابل أبا بكرٍ عمراً فأخبره أنه صمت لما كلمه عن حفصة
لأنه علم أن النبي قد ذكرها وما كان له أن يفشى سر رسول الله ولو تركها
الرسول لقبلها أبا بكر ، وتزوجها النبي الكريم بصداق قدره أربعمائة درهم
وكان ذلك في السنة الثالثة للهجرة.
وقد أنزل الله تعالى قوله : " إن
تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما....." في السيدتان حفصة وعائشة ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم كان يشرب عسلاً عند زوجته زينب بنت جحش ؛ فاتفقتا
أنه إذا دخل النبي عند إحداهن أن تقول له إني أجد منك ريح مغافير ، أكلت
مغافير ! ، وبالفعل لما دخل عند إحداهما قالت له ذلك فقال لها :" بل شربت
عسلاً عند زينب , ولن أعود له فنزل قول الله :" يا أيها النبي لم تحرم ما
أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك...." حتى قوله " إن تتوبا إلى الله ..." –
السيدة عائشة وحفصة – وقد طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة ذات مرة فجاءه
جبريل فقال :" أرجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة "وقد حفظ
أول مصحف جمع في عهد أبي بكر في بيتها فعن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه
قال :أمرني أبو بكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف
والعسب، فلما توفي أبو بكر رضي الله عنه كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة
فكانت عنده- أي: على رق من نوع واحد – فلما توفي عمر رضي الله عنه كانت
الصحيفة عند حفصة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم أرسل عثمان إلى حفصة
زوجة الرسول، فسألها أن تعطيه الصحيفة ؛ و قد حلف أن يردها إليها، فأعطته
إياها، فعرض المصحف عليها ، فردها إليها ، وطابت نفسه ، و أمر الناس
فكتبوا المصاحف ؛ وقد أوصى عمر بأن يحفظ المصحف عند حفصة لما رأى منها من
حفظ للقرآن وتلاوته وتدبر معانيه والتفكر فيه والاهتمام العظيم به , وتوفيت
السيدة حفصة بالمدينة المنورة في السنة الحادية والأربعون للهجرة في خلافة
معاوية وعمرها حينئذ 60 سنة وصلى عليها مروان بن الحكم .
رضي الله عنها وأرضاها
وجمعنا بها في مستقر رحمته