انتقلت عدوى المطالبات التي شهدتها الشوارع العربية، إلى بعض المراهقات،
اللواتي شجبن تدخل الأهل الزائد في حياتهن، ومصادرتهم حق تقرير مصيرهن، إلى
حد إجبارهن على أشياء غيرت مجرى حياتهن، فهل من الممكن أن تحسن المراهقات
تقرير مصائرهن بعيداً عن حكمة ومحبة وخوف الأم أو الأب؟
بداية،
أدانت هديل الخطيب، 21 سنة، تدخل الأهل الزائد، وقالت: نعم نحن قادرات
لأننا كلنا نرفض قيود الأهل المتشددة وكبتهم لحريتنا باسم التقاليد
والعادات، مع أنهم قادرون على تنمية استقلاليتنا تحت إشرافهم، حتى نصبح
قويات، وبالتالي تقوى أسرنا ومجتمعاتنا بنا. وقيود الأهل المتشددة أجبرت
فتيات كثيرات أعرفهن على قبول أي عريس عابر قبل أن يدرسن أخلاقه أو طباعه،
والبعض منهن أصبحن مطلقات قبل أن يبلغن سن الرشد!.
واعترضت روان
محمود، 19 سنة، على تهميش المجتمع والأسرة للفتاة لصالح الشاب، الذي أفسده
الدلال، فلم يعد متقدماً في دراسته وفي تفكيره كالسابق، وأضافت: الشاب يترك
على حريته لأنه مهما فعل لا شيء يعيبه، عكس الفتاة التي إذا تسلحت بالوازع
الديني والعلم تصبح قوية ومستقلة، فمازال الأهل حتى هذا اليوم يفرضون
علينا نوع دراستنا ومهنتنا وأزواجنا، لذا يجب أن يقتصر دورهم على الرقابة
والمشورة فقط. فهل من المعقول أن لا تعمل الفتاة إلا في مجال التعليم
والوظيفة الحكومية منعاً للاختلاط؟ ممنوع العمل كممرضة، أو كمندوبة مبيعات،
أو مضيفة، وما شابه، كيف سيتطور المجتمع والفتاة غائبة في هذه المجالات؟
قبل أن يطالبوا بالديمقراطية في الخارج عليهم أن يطبقوها أولاً في البيت مع
بناتهم.
من جهتها، رفضت أريج بدوان، 20 سنة، مبدأ الثورة لمجرد
الثورة، وقالت: الحوار باب التفاهم الأول بيني وبين أهلي، ويجب أن يكون
أيضاً بين الشباب وحكوماتهم، كلنا نحب حريتنا واستقلاليتنا، لكن الواقع هو
أن الأهل ينسون الحوار في لحظة حين يتعنتون في رأيهم، فحينما قررت أن أدرس
الهندسة رفض والدي متذرعاً بأنها مهنة الشباب، وفيها اختلاط كبير، ووجهني
لدراسة تخصص زراعي غير راضية عنه، وهذا حرمني من راحة البال والقناعة
والسعادة، ناسياً أن النجاح يأتي مع حرية الاختيار لا من غيره.
أما سارة ياسين، 20 سنة، فقد خالفت سابقاتها بعض الشيء، إذ قالت: لست مع
التغيير السريع المفاجئ، وعلينا البدء بتغيير أنفسنا أولاً قبل المطالبة
بتغيير مجتمعنا وحكوماتنا، وذلك من خلال التغلب على خوفنا من المجتمع، ومن
رد فعل أهلنا، والعمل على تعزيز ثقتنا بأنفسنا والمشاركة الفورية بنشاطات
خيرية وثقافية وتطوعية تحسن حياة من حولنا من الفقراء والمرضى. التغيير
يبدأ بالصغير حتى يصل إلى الكبير، وأول خطوة هي أن أختار بنفسي دراستي
ومهنتي وعريسي حتى لو أخطأت باختياري.
وأيدتها رولا، 23 سنة، حيث
قالت: رغم انتقاد أهلي لعنادي وطبعي المتمرد لم أتأثر برأيهم، وواصلت تحقيق
ما أريده، فلما طلب مني والدي التسجيل في كلية أدب إنكليزي دخلت كلية
الهندسة، ولما صارحني برغبة خالي في تزويجي من ابنه فاجأته بأني شبه مرتبطة
بزميل لي في الجامعة، وقبل أن يبدي معارضته نجحت بإقناعه بالأمر، وما سهل
علي الأمر أن ابن خالي غني لكنه جاهل ولا يتمتع بأي مزايا، في النهاية نجحت
في الحد من سلطة أهلي برقة وذكاء دون الدخول في معارك تؤثر بي أو بهم
سلباً، فكسبت سعادتي للأبد. الزمن تغير وعلى الأهل إدراك ذلك قبل فوات
الأوان.